الأحد، 28 ديسمبر 2008

رسالة من زائز لفلسطين

هى رسالة مازالت تتجدد من عام 1948م وحتى الان وحتى الان ونحن فى عام 2008م.
كتبت هذه الرسالة من سنوات فى ليلة كهذه وقلبى يعتصر ومن وقت للآخر تتجدد الاحزان والاحداث واحدة .
أمــــــــــــــاه
أكتب إليك وكأنني معك أحكي لك قصة هذه الرحلة بعد طول تأمل وأنا أتجول في هذه الأرض المباركة أرض أولي القبلتين وثانى المسجدين وثالث الحرمين الشريفين . وأنا في هذه الأجواء رُسمت في قلبي معالم لوحة تعبر عن ملحمة طويلة الأمد..جعلتنى وللوهلة الاولى .. أقتل ويهدر دمى وأشعر بالخجل لهويتى العربية.. أحسست أننى أريد أن أتكوم فى أحشائك من جديد لتعيدى تكوينى ولا تلدينى الا بعدما أقسم لك اننى لن أولد الا عربيا بدم حر وغيرة وطنى يعشق معنى الجهاد ويؤثر الكرامة على الحياة و يقدس تراب الارض ويرفع اسم الله فوق كل شىء... أحسست بضألة موقفى وأنا أرى تخريمات الرصاص على المساجد والكنائس ومنازل الابرياء ودماء الشهداءعلى الجدران مكتوب بها على صور الشهداء .. هذا دم فلان وأمهات تجلس أمام الصور بعيون بها إعصار من غضب وأنفاس لا تحمل الا الأنات تجمع الجمرات لقذف ابليس فى الوقت المقدر والمحسوب من رب العالمين .. قد تكون حجارة من سجيل الا ان الله يجعلها بردا وسلاما فى أياديهم سجيلا على أعاديهم ..
وروعنى طفل فى الثانية من عمره يكاد يتعلم الجري وأول ما يتعلمه هو كيف يرمى الحجارة يتعب فى حملها ذهابا وإيابا بيداه الرقيقتين وسط الاطفال وقتها أحسست بالخجل وتضألت وكأننى تحولت الى شخصية شهيرة اسمها عقلة الأصبع هذا الولد صغير الحجم كان بطلا واستغل حجمه فى انقاذ بنت البلد من يد الاعداء .. اذن انا اقل من عقلة الأصبع عندما لم اتعلم جيدا كيف احمل بندقية وأن اسمع نداء هؤلاء الضعفاء فتمنيت ان اكون بخارا حتى لا يسخر منى عقلة الاصبع ولكنى تذكرت ان للبخار دورا فى انه يصعد ويتجمع وما تجمعنا يا أماه فحتى الطبيعة تعلمنا الدرس وما تعلمناه
امـــــــــــاه .
انى الان اتعذب بهذه العيون التى لازمها الحزن وآلفتها الدموع وصغار لا يرون الغد الا فى لغة الثأر وحلم الاستشهاد ..و انا اسمع نغماتهم
منتصبَ القامةِ أمشي .... مرفوع الهامة أمشي .... في كفي قصفة زيتونٍ .... وعلى كتفي نعشي .... وأنا أمشي وأنا أمشى....قلبي قمرٌ أحمر ....قلبي بستان ....فيه فيه العوسج فيه الريحان....شفتاي سماءٌ تمطر ....نارًا حينًا حبًا أحيان….في كفي قصفة زيتونٍ .....وعلى كتفي نعشي .... وأنا أمشى وأنا أمشى
وتمر أيام يا أماه وأنا أتجول فى حكايات هؤلاء المعذبون المنتظرون و يتسألون متى سنعود الى ديارنا .. وانتابتنى قشعريرة وانا أرى بيت المقدس كأن له عينان تبكيان و هو يحاكينا بشجن ويقول... آرأيت حالى وقد نشأت على يد الانبياء و الصالحين لترعانى مريم ابنة عمران وليؤنسنى صدى صوت عيسى وأكرمنى الانبياءبضيافتهم لى وصلاة محمد صلى الله عليه وسلم بى ومعراجه من عندى .. ثم أهاننى العدوان مرات ومرات ثم طهرنى صلاح الدين ثم عادت المكائد وسقطت فى يد المعتدين أخذونى بالخديعة انهم يقطعون من بنيانى بحثا عن هيكلهم المزعوم ..عذبوننى اطلقوا دموعى لأرثى نفسى ما دامت العروبة لاتورثينى .. انتحب كل يوم وأنا البيت من سيرعانى من سيكرمنى
. أمـــــــــــــــــاه
انها دموع بيت المقدس .. انها المناجاة التى أحسست بها أحسست بالغليان وانا أسمع قصص التعدى والعدوان وصيحات النساء فى كل مكان على كل فقيد وبيوت تهدم على الآمنين ورسالة بنو صهيون الى كل فلسطينى تقول ارحل عن ارضك.. عبارة مستفذة تجعل الدم يغلى فى العروق وتشعل نار الغيرة فى القلوب..وكنت اسمع واحترق صرخات (وجدان) وهى فتاة فلسطينية تزلزل الارض تحت قدمى وترجف قلبى وهى تقول ..واعروبتاه .. كما قالت المرأة وامعتصماه .. ولكنى اتعجب يا أمى أن فى عهد المعتصم لم يكن هناك اذاعات و لا أقمار صناعية تنقل لنا الأنات و الصرخات الا ان صوت المرأة وصل المعتصم بعد سفر بالخيول عن طريق رسول ومع ذلك نفر المعتصم غاضبا لبيك يا أختاه يا امـاه: اليوم الصرخات تُرصد كل دقيقة ونشاهد سقوط الاطفال وضرب النساء و قتل الشيوخ .. نشاهد الاحداث ونحن نأكل ونرقص و نلهوا والموت أمام أعيننا .. لماذا كل هذا الصدأ فى القلوب ألم تعد تتحرك فينا نخوة ولا تأخذنا شفقة فى هؤلاء ولماذا ننسى سريعا والاعداء لاينسون ان لهم حق اغتصاب الارض..
أمــــــــــــــــــاه .
اكتب لك من الارض المقدسة التى شهدت تاريخ النبلاء من الارض التى شهدت اشراف الناس على مر الزمان يفوح عطرهم فى كل شبر من الارض المباركة أماه: الناس هنا ينامون ولا ينامون عيونهم قلقة وابدانهم مللك للأرض فى كل لحظة ولكنى أرى نساء صامدات صابرات شديدات ينتظرن يوما نكون فيه أغنياء بفيض من كرامة والحاح ..بانتصار..

السبت، 13 ديسمبر 2008

لكى لا ننسى

لكي لا ننسى .. أن لغة المستعمر لا تتغير مهما تلون وجهها .. لكي لاننسى أن ما يحدث ألان في فلسطين والعراق هو ما حدث سابقاً ومن الممكن أن يحدث لكل من يظن أنه آمن من غدر المحتل وأن العدو قد يصبح يوماً صديقاً فليس من الحكمة أن نأتمن النوم بجانب جحور الثعابين مادمنا معهم في سلام لقد وجدت من الحكمة أن نذكر أنفسنا دوماً ببعض الأحداث.
منذ شهور أشتد حزني للمرة الثانية عندما قرأت أن القرآن الكريم أصبح هدفاً للتدريب العسكري الأمريكي بالعراق ..أما عن المرة الأولى التي قرأت فيها مثل هذا الموضوع فكان في حقبة المغول في دار الإسلام ودعوني استحضر معكم هذه الحقبة الهامة و الحزينة من حياة الأمة الإسلامية و التي لا تقل عما فيه المسلمين ألان وهم تحت وطأة الاحتلال
يذكر أن الأمة الإسلامية في هذه الآونة كانت مفككة وحل بها ما حل ألان في زمننا فتسلط عليهم المغول بوحشية فكان أبشع احتلال . ففي فبراير عام 1220 وصلت جيوش المغول إلى بخارى كبرى مدن الإسلام في هذا الوقت وهى مسقط رأس الإمام البخاري ولم يجد سكان المدينة مفرا من الاستسلام بعد قتال عنيف كان لصالح المغول ودخلوا المدينة و أمروا أهلها بالخروج فوراً و ألا يأخذ أي مواطن شيئاً من أمواله و مقتنياته ونهبوها بعد إخلاءها ويذكر الرواة .
وكانت سنابك الخيل تطأ القرآن الكريم مما أثار حفيظة السكان و عندما شكوا لأحد الأئمة الذى قال باكياً .. أصمتوا إنه غضب الله الذي أنزل علينا ولا حول ولا قوة إلا بالله .
كما يذكر أن جنكيزخان دخل المسجد الكبير بالمدينة فظن انه قصرا فلما علم بأنه مسجد أمر بإطعام الخيل فكان بالمسجد صناديق فيها نسخ من القرآن الكريم فقدمت كعلف للخيل وداست الخيول على القرآن الكريم ووضع المغول أواني الخمر في وسط المسجد وجلبوا الراقصات و المغنيات من المدينة وأتوا بالفواحش .
بينما كان الفقهاء و الوجهاء من القوم يطيعونهم و يصنعون ما يأمرون كالعبيد وفى هذا اليوم العصيب يا إخواني أتجه جنكيز خان إلى المصلى وصعد المنبر و جمع أمامه الأثرياء وطالبهم بتسليم أموالهم كلها ..ثم خطب فيهم قائلاً ( إنني سوط العذاب الإلهي فلولم تقترفوا الذنوب العظيمة لما أرسلني الله إليكم لأعاقبكم )
يقول المؤرخ ابن الأثير :ـ كان يوماً عظيماً من كثرة البكاء من الرجال و النساء و الولدان و أصبحت بخارى خاوية على عروشها و كأنها لم تكن و ارتكبوا مع النساء الفواحش و الناس ينظرون يبكون ولا يستطيعون أن يدفعوا عن أنفسهم شيئاً ثم واصل المغول زحفهم إلى باقي المدن بنفس الوحشية.
و يعيد التاريخ نفسه فالمستعمر هو المستعمر و لغته واحدة مع اختلاف الأجناس .. يلزمنا التضرع و الاستغفار على ما يحدث وأن تفيق الشعوب الإسلامية من غفوتها التي طالت حتى لا يزحف ورثة المغول في البطش و العنف على باقي المدن .
قال تعالى ..( كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ)
[التوبة 8- 10]

الثلاثاء، 2 ديسمبر 2008

السيد والحطاب

كان يمشى مفعماً بالثقة والزهو وهو يقول فى نفسه
لقد حققت من المجد والنجاح الكبير لقد بنيت وعمرت وكسبت المال الكثير لقد أصبحت من أهم الناس .ثم نفخ صدره ورفع رأسه بكبرياء وكأنه يناطح السحاب وقال ـ لقد التف الناس حولى فهم يرونى كبيراً زاهياً متزهزهاً فى نجاحى لقد إنتصرت على أعدائى .ثم نفخ صدره اكثر وهو يحاور نفسه و عيناه تتشفيان سأعلمهم درساً لن ينسوه .
أما الذين هم أقل منى علىّ ان اكون مترفعاً عنهم حتى يظلوا هم الاسفل وأنا فى الاعلى وحتى لا يصلوا الى ما وصلت اليه وحتى أكون دائماً كبيراً ولى من علو الشأن ما يستحيل عليهم الوصول اليه .
وشعر انه اكثر طولا وعرضاً من هيئته حتى انزلقت قدماه فى حفرة عميقة فوقع بها وقد انكسرت قدمه وحاول ان يمد رأسه التى لم تصل حتى الى حافة الحفرة فوجد نفسه وقد غفل فى شروده حتى دخل مكاناً خالى من العمار يحتاج أحداً يأخذ بيده فلا يجد ..فأحس انه لاحيلة له ولا طول ولا عرض له وضاق صدره الذى كان منفوخاًحتى كاد ان يخنقه فربما لم يسمع به أحد وقد ينتهى فى هذه الحفرة أو قد يكون طعاماً للذئاب أو يموت نهشاً من الهوام فارتعد جسده ونظر الى السماء و استغفر ربه وهو يقول (استغفرك ياربى انى ضعيف ونسيت بالغرور انك أكبر و أعظم وأجل من وضيع مثلى ) وقد كان يظن انه سيمشى دوماً فى الارض مرحاً و انه سيبلغ الجبال طولاً وظل يستغفر ربه ليلة كاملة ونصف نهار (ان لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين) حتى مر حطاب فشعر به فناداه ..أغثنى أعنى أعانك الله ..فنظر اليه الحطاب ومد له حبلاً وشده فخرج من الحفرة وقد اتسخت ثيابه ثم نظر الى الحطاب فوجد ثيابه مهللة ..فبادله الحطاب بمثل نظرته وقال له ـ الم تجد مكاناً للتسول غير هذا المكان الممتلىء بالحفر
قال له السيد. انا لست متسولاً بل انى ضللت الطريق
ناوله الحطاب شيئاً من الماء وكسرة خبز ليغطى جوعه وبعد ان اكل وشرب حمله على ظهره لأنه علم ان قدمه مكسورة
فقال له السيد ـ إنى غنى جداً وعندما أصل سأكافئك على ما فعلت سأعطيك مالا كثيراً يكف عنك مشقة التحطيب .
فقال له الحطاب ـ وماذا فعل لك غناك وانت فى هذه الحفرة وماذا فعل لك مالك الكثير وانت تتناول خبزى الجاف وترتوى بمائى الذى لاأملك غيره أرتوى به بعد طول عمل وصيام وماذا فعل لك جاهك الان وانا احملك على ظهرى بدلاً من قوت يومى وانت غير قادر على المشى وليس امامك من متعك شيىء .وفر مالك الذى ستكرمنى به وسأنتظر الكرم من صاحب الكرم الذى لا يضيع أجر من أحسن عملاً فهذا سيجعلنى اغنى من غناك .
فبكى السيد وقال (وقد كنت أظن ان الفقير احقر منى و لابد ان يكون وضيعاً لكى أكون انا رفيعاً فلم أجد بعملك يا فقير أحقر من عملى وأثقل من مالى على صدرى الذى كاد ان ينسينى ذكر ربى )
وأصبح السيد بعدها من العابدين المتواضعين العطائين .
.......................................................................
كل عام وانتم بخير .. بمناسبة عيد الاضحى المبارك أعاده الله عليكم جميعاً بالخير والبركات