الأحد، 2 يناير 2011

أنا وصديقتى .... كتبت عام 1994م


كان لقاء صامت بعد فراق دام لعدة سنوات خاف كل منا أن يفتح حواراً مع الأخر السنوات في هذا الزمن تغير الإنسان سريعا .... تعثرت الكلمات على لسان كل منا ...وكنا نخشى المواجهة فمنذ سنوات افترقنا وكل منا يملك روحا ممتلئة بالمحبة والإخلاص والأمل وعواطف لاتعرفها إلا القلوب الصغيرة الغير خبيرة بمشاكل الدنيا والبعيدة عن الحقيقة الكامنة في نفوس البشر افترقنا ذات يوم وكل كان يحب الخير ويسعى دائما للكلمة الطيبة والابتسامة الصافية والصدر الرحب لكل الناس حتى لمن أساء إلينا..
أنا وصديقتي من الجيل الوسط الذي مابين الجيل المتحضر جدا والذي انفتح على العالم والجيل المتمسك بكل العادات والتقاليد القديمة والذى لا يعلم عن الدنيا الاالقليل
الان تجرنا الذكريات سنوات طويلة للوراء عندما كنا أطفال صغار نجلس علي جزع شجرة قريب من الأرض وتتأرجح أقدامنا ذهاباً وإياباً ونحن نتأمل في ملكوت الله نبحث عنه في كل مكان وليس أمامنا سوي مساحة خضراء شاسعة ولكن بالنسبة لأعيننا الصغيرة لا حدود لها وكنا نشعر بالله قريب منا ولكن لا ندرك سر الحب الروحاني الذي يربطنا به كنا نناجيه في الخفاء ويرن في أذاننا نداءات زكريا ومريم وعيسي ومحمد عليهم جميعا السلام وهذا ما حفظته أنا من القرآن وما حفظته هي من الإنجيل كانت صديقتي مسيحيه طيبة خفيفة الظل وأنا مسلمة كنا نلعب سويا وكانت تشاركني طعامي وأشاركها طعامها وكانت تسمع مني وكنت اسمع منها كنت أقص عليها حكايات من القرآن وكانت تحكي لي حكايات من الإنجيل كانت ترافقني أعيادى وكنت أرافقها أعيادها كان اسمها " مارسيل " وكان اسمي" أقدار"
كانت أهالينا من البيوتات المصرية الكريمة و كان أهلها يرحبون بي كلما طرقت بابها لألعب معها ولم يكن أهلي وأهلها يحذروننا أبدا من مثل هذه الصحبة فنحن شعب متحاب بالفطرة وكنا كثيرا ماتتشابك أيدينا الصغيرة وسط المساحة الخضراء وندور وكأننا نطير بعد المطر وتحت قوس قزح ونتنفس الهواء النقي وكأننا تحت القوس وتران للنغم خاصة عندما تبهج ألوانه السماء وليعلن عن براءة السحاب من الماء المنهمر وكلانا كان مرتبط بقدسية كتابه وما يحمل من عبارات ومع هذا كانت تجمعنا عبارة روحانية وتأمل فطرى وقلوب صغيرة عندما نرفع أيدينا إلي السماء وندعوا بكلمة واحدة (( ياالله )) وختام واحد وهي كلمة (( آمين )) ...
وأحياناً كنا نقتسم الرغيف لنأكله حتى لانضيع وقتاً ونبعد عن هذا الود الصغير ... كانت (( مارسيل )) تهوي الرسم وكنت أهوي الكتابة وكلانا يُخرج ناتج تخيله علي الورق في منازلنا المطلة على هذه المساحة الخضراء كانت منازل بسيطة لا تعرف إلا الستائر المزكرشة بالستان وحجر المعيشة ذات الكنب العربي المغطي بالكريتون المزكرش وبلكونات عادية خالية من اى ديكورات لم تكن مزينةإلا بشوال الريحان وقلل الماء المعطرة بماء الزهر .. وبالمثل كانت أمهاتنا بسيطة لا تحلم أحلام مبالغ فيها كانت أحلامهم شديدة الحساسية ناحية أبنائهم في أن ترى كل أم أبناءها أصحاء أشداء متعلمون .. أتذكر الآن أيامنا الجميلة وقت الربيع نراقب احداث ميلاد الكائنات الصغيرة التي كانت تمرح معنا في جو الربيع نراقب الضفادع الصغيرة وهي تسبح في مياه البرك ونصطاد الجراد الملون ونعبث في الحقول لنقطف الأزهار الملونة والشجر اخضر مزدهر من كل ناحية .. نراقب عملية الري ونتسابق إلي الساقية ونتمعن بها كثيرا كانت تستهوينا لماذا لا ندرى ولم نكن نعلم إنها عملية نفسية بداخلنا توجهنا إلى أن الساقية صورة لجريان الحياة حولنا والأيام والسنين .. وتذكرنا أيام دراستنا حيث كنا علي مقاعد دراسة واحدة نتلقى العلم بأذهان صافية بعد كل صباح باكر نردد فيه في نفس واحد
بلادى بلادى... لك حبي وفؤادي
ولم يجمعنا إلا حزن واحد بعد حرب اكتوبر 1973 وكنا نبكي سوياً قلت يومها لمارسيل ،،،
- لقد فقدنا عمي (( أحمد ))
- وقالت لي – ونحن فقدنا أخي (( يوسف ))
- قلت لها – بيتنا حزين وأبي يبكي ليل نهار
- وقالت لي – وأبواي كذلك
- قلت لها – عمي أصيب أثناء عبور القناة
- قالت لي – وأخي أصيب أثناء تحطيم خط بارليف
- قلت لها وأنا أتخيلهما ... ربما التقيا سوياً واخذا بأيدي بعضيهما وعبرا سوياً .
ومددت لها يدي فمدت لي يدها
وقلت لها ..؟ أسمع أن أرواح الشهداء تلتقي عند الله وينشرها في الوجود ... تعالي نسير خلف هذا الفراغ الذي أمامنا ربما نراهما خلف هذا الفراغ الأخضر الذي لا نعرف نهايته كما تراه أعيننا الصغيرة ... ومضينا سوياً نسير عبر الأيام والسنين ...
وخلال الرحلة نجد أصواتاُ كانت تنشد
الله اكبر ..الله اكبر
الله فوق كيد المعتدي ... والله للمظلوم خير مؤيدِ
أنا باليقين وبالسلاح سأفتدي ... بلدي ونور الحق يسطع في يدي
قولوا معي .. قولوا معي .. الله ..الله أكبر .. الله فوق كيد المعتدي
ياهذه الدنيا أطلي واسمعي ...... جيش الأعادي جاء يبغي مصرعي
بالحق سوف أصده ومدفعي فإذا....... فنيت فسوف أفنية معــــي
قولوا معي .. قولوا معي .. الله .. الله أكبر
الله فوق كيد المعتدي
ولكننا لم نعرف جيدا من هوا المعتدي وهل رحل بعد الانتصار ام انه مازال بيننا كالعفريت الخفي موجود ولا موجود ... ومع ذلك كنا نردد بلادي بلادي ونحن نتلقى العلم عندما كانت رسالة العلم مقدسة لا غاية أو وسيلة كان الأستاذ يمشي فخوراً بأنه رسولا يبلغ رسالته ويحمل وسام المربي الفاضل كان أساتذتنا مثل آبائنا يحرصون علي مستقبلنا كانت الدنيا بخير وأهلينا كانوا بخير كانوا اما فقراء بسطاء .. أو أغنياء كرماء أحلامهم بسيطة علي قدر أيديهم وكان كل شيء له طعم ومعني حتى في رغيف الخبز وطبق الفول والطعمية الوجبة البسيطة التي يحبها كل مصري فقير كان أو غني كنا نأكل ونشعر بالرضى والسعادة والطمأنينة فلا حاجة لنا في التفكير في طعام الغد مادمنا نشرب الماء العذب ماء النيل العظيم وبعدها نحمد الله .. كانت صدور أهالينا رحبة حتى مع بعضهم البعض كنا ننام ولا نخشى الغد فكلنا عيون يقظة علي بعضنا البعض مازلت اتذكر أيامنا يا صديقتي في رمضان وأعياد الميلاد والزينة تمليء الشوارع والبيوت والنفوس والأرواح ... أرواحنا المعنوية كانت مرتفعه رغم قصر اليد في كثير من الأحيان .
وأيام العيد ياصديقتي والجميع من أهالي الحي والحارة يجتمعون لصنع الكعك وبسكويت العيد كانت أم أحمد وأم مينا وأم مصطفي وأم عيسي كلهم أيدي مساعدة في صنع هذه الحلوى التي تبارك العيد حتى الرجال قد اشتركوا في الإشراف علي تجهيز هذه الاحتفالية الرائعة لم نصنع شيء بمفردنا قط لابد من أيادي كثيرة معنا .. كان لكل شيء معني وقد كنا أصحاب عهد جديد بالنصر والخروج من الحرب وما جاء نصرنا إلا بتوحدنا لذلك كان لكل شيء مذاق خاص وجميل ورائحة أكثر روعة الكل كان يهادي الكل صباح العيد وبعد العبادات الخاصة بالأعياد ننطلق كالفراش الملون في الشوارع نتقابل ونتواد ونتراحم ملابسنا كانت مثل أيامنا ونفوسنا لا تعرف الألوان الخلط التي لا معني لها كان الأحمر احمر والأخضر اخضر والأصفر اصفر حتى الألوان المتداخلة لم يكن بها وسيط مشوش أنما كانت ألوان تنسجم مع بعضها ومع هذا كله كنا نمرح ونمرح حتى يأتي الليل فندخل منازلنا ونخلع نعالنا الجديدة ونبدل ملابسنا وننام نوم الأطفال السعداء الفرحين بالعيد ويخيم علينا الصمت والسكوت علي كل المدينة وفجأة نصحوا علي
الطوفان .. الطوفان .. الطوفان
يزحف الطوفان ويأخذنا غدراً وتمر الأيام تلو الأيام والسنين تلو السنين ونحن نكاد أن نغرق ... يا مرسيل ونفتح أعيننا لنجد أنفسنا قد لبسنا ملابس غير ملابسنا لانعرف لها لون محدد ألوان جهنمية مختلطة لا تبهج العين بقدر ما تسلبها النظر ويسقط الحياء ونتسأل ماذا يحدث لنا يا صديقتي لقد تهنا وضعنا وتشتت أفكارنا وغرق ما حولنا في الطموح والثراء الذي لا يهمهم مصدره والوجوه التي لا تتقابل إلا وقت المصالح إنكسرت نفوسنا ياصديقتي ونحن نري كل ما حولنا غارقاُ في الطوفان وعدنا إلى الوراء لنري الحدث جيداً ونراقب الأحداث كلها ورأينا الحقيقة كاملة ونحن نسترجع حكاية الساقية وطحن الأيام والسنين بلا شفقه والثيران التي كانت تدور وهي مربوطة بالساقية نراها وقد ضعفت وتبلدت حتى انتحرت و لم تقدر أبدا علي ما رأته بعد مانزعوا عنها الغطاء الذي كان يحجب أعينها حتى لا تشعر بتعبها وهي تدور ليجرى الماء في القنوات لتسقي الأرض لتنبت اخضرا ولكنها بكل أسف لم ترفعها إلا بعد الطوفان لتري جفافاً وخضاراً تحول إلى معمار وظنت أنها تعبت بلا شيء فحزنت وسكنت مكانها اذكر يا صديقتي أننا هرولنا نبحث عن المزارع الخضراء فوجدنا أن الطوفان قد لحقها وباعها أهلها بثمن بخس دراهم معدودات لترفع مكانها معمار ساكن أصم وظنوا أنهم ربحوا فيها ومهما ربحوا فلن يُقدروا ثمن الطمي الذي يحمل كنوزا لا حصر لها باعوا النماء بالسكون الدائم باعوا كل شيء حتى الهواء النقي باعوه للتلوث الذي يأتي من عوادم اجتاحت أجواءنا
والتي لا نعرف لها مصدر محددا وكأنه يأتي من كل شيء حولنا
وهرب الجراد الملون وهجت الضفادع وماتت الأزهار ولم يعد هناك ميلاد طبيعي واختلطت الفصول الصيف بالشتاء والربيع بالخريف وأكلنا ثمار الكل في كل فصل تعاملنا مع الكيمياء وهجرنا الطبيعة وتسممنا ونحن نشرب الماء الملوث واغتنينا من بيع كل شيء وتبديل كل شيء و قد نشأ لدينا سوق عجيب بالمقايضة الشيء بالشيء في بيع تاريخنا وحضارتنا وأثارنا وعلوم البرديات وعلوم العرب بالعولمة وثمارنا ونظافة طمينا بالهندسة الوراثية والهواء بالتلوث الكيميائي وفتحنا الباب علي مصراعيه لكل العفاريت الذين يأتون إلينا بعروش التقدم قبل إن نقوم من مقامنا وكانت المقايضة باهظة فلقد اخذوا نفوسنا القانعة برغيف الخبز ووجبه الفول والطعمية وأعطونا نفوسنا جاعت مالا وبطوناً لاتشبع وبدلا من وجبتنا البسيطة أكلنا ( بيف وبرجر)
وبدلا من ماء النيل العذب شربنا بيبسي كولا لقد قايضنا بالصحة بتفشي الأوبئة السرطانية والفشل الكلوي وعلل الانتحار الروحاني وانتشرت العفاريت ترش البودرة العفريتيه فكرهنا بعضنا وأخذنا اللقمة من أيدي بعض واقتتلنا علي أشياء لا معني لها وقضايا بعيدة عن قضايانا .. وانتشرت بودرة العفريت فلبسنا ألوان جهنمية فأصبحت موضتنا المقطع والمهلهل أو الضيق الذي يخدش الحياء وأصبحت أحاديثنا مبعزقة أصبحنا نتحدث بلهجات عفريتيه مختلفة وكأن لغتنا العربية أصبحت لا تليق بنا وفزعنا يا صديقتي ونحن في بعض الأحيان لا نميز بين رجل وامرأة فهو يلبس كعب عالي وهي تحلق رأسها وارتعدنا يا صديقتي وخفنا خوفاً شديداً من هذه المتاهة والتمسنا ظلا وبكينا بكاءاً شديداً مريراً بكينا علي كل شيء بكينا علي قوس قزح فلقد كنا نجري داخلة ظنا منا أن الدنيا ستظل أمامنا وأننا نمتلك كل شيء حولنا الأرض والفضاء معه والان لم يعد شيء من الفراغ وفقدنا رائحة التبر وقت المطر وهواء العصاري وقت الحر وبكينا أيامنا الخوالي وجرت الدموع جريان النهر تحرق وجناتنا علي ماضاع ونهضنا ضعفاءالقوي باحثين عن مدارسنا إلا اننا وجدنا الطوفان أيضا قد لحقها ولم نجد غير رسالة تجاهد تيارات الماء عنوانها نجاه الإنسان كانت تمر وسط تجارة التعليم الحارقة تحت اسم الدروس الخصوصية لمن يريد النجاح وإلا ؟
وفتحنا كتاب المدرسة فوجدنا عنوان للتطبيع فأصابتنا صاعقة فالتيار يحاول أن يقتلع الشجرة من جذورها وعفاريت تنادي من كل ناحية
تطبيع .. تطبيع
ولم يعد هناك نشيد
بعد ما فتحنا ذراعنا لكل معتدي سلمنا عليهم وسلمناهم أنفسنا وتركناهم يعبثون في تراثنا وحضارتنا .... وأعمانا المال رأيناهم أهل بيت ثم تركنا لهم البيت وفضلنا الإقامة في الفنادق الفاخرة والقرى السياحية التي لا مثيل لها ونسينا أن هناك جنة هي موعداً للقانعون المدافعون الصادقون وبكينا من جديد مر البكاء علي عروبتنا وعلي مصرنا بلادنا و علي أنها يجب ان تكون حبنا وفؤادنا بل قطعة من أنفسنا لكنا رحلنا عنها بعقولنا العبقرية وأيادينا العاملة القوية فراراً من ضيق المعيشة وقذفناها بكل ما لدينا من إسأة وأمسكنا بحجارة ورجمناها كأنها لم تعطنا المال والراحة بلا جهد وإنها لم تعطينا المال ورخاء العيش بأسرع ما يمكن حتى ولو تخلت عن مصريتها من اجل إرضائنا فرجمنا الطاهرة لأنها أبت البغاء ولم نشعر أنها أم الدنيا أمنا وأماننا إلا بعد ما هاجرنا وسافرنا إلي بلاد بعيدة بعقولنا العبقرية علمنا غيرنا وبأيدينا القوية بنينا في غير أرضنا .. خدمنا في أحقر المهن لأهل ليسوا أهلنا خدعنا أنفسنا وبعنا لهم عبقريتنا فاغتالونا وجمعنا المال ومعه المذلة ونحن نغسل صحونهم ونمسح بعد أقدامهم لماذا لم نقدس الفقر الذي معه الكرامة ونكدح ونبنى ونصبر الصبر الجميل ولماذا لم نعي ان الغاية والمراد هم أبناء البلد وليس غيرهم ثم من جديد عدنا نبكي يا صديقتي لأننا تمردنا علي رغيفنا وعلي وجبتنا البسيطة وأكلنا بنهم ونسينا ان نبدأ طعامنا ( بسم الله أو بسم الرب ) وذهبت البركة مع كثرة المال وأكل معنا الشيطان مادام العفريت هو الذي يقدم الطعام ولم نشبع وطلبنا المزيد حتى ولو فيه موتنا ولم نحمد الله بل شكونا الفقر والهم وعدم وجود الفرص لتحقيق الهدف الذي لم نعد نعرف له شكلاً من موضوعا أجل يا صديقتي لقد ضيعنا من أيدينا كنزاً ثميناً أسمه القناعة خطفه العفريت منا حتى نخضع لأوامره . لقد خرج أهالينا من بيوتهم مع الطوفان وفاضت معهم أحلامهم المبالغ فيها ولقد غاب الأمان وكثرت أسلحتنا وكثر خوفنا من أنفسنا وخفنا خوفاً شديداً علي أهلينا عندما وجدناهم لا يعرفوننا وجدناهم يستغشون ثيابهم ويصموا آذانهم حتى لا يرونا ولا يسمعونا... وحزنا علي ضياع الأمان والقيم الثمينة وفقدنا بهجة الليالي المباركة وتفرقنا وكرهنا بعضنا البعض ولم يُخبز لنا خبزاً جماعياً بعدها بل رأينا كل واحد يحمل خبزه بين صدره حتى
لا يراه الأخر فقد يطلب منه رغيفاً فيضطر ان يعطيه مضطراً لا كرماً وربما أنكر انه يحمل خبزا أنها لعنات العفاريت وقد حلت علينا أجل امتلئت جيوبنا نقودا ومع ذلك جوعنا جوع الكافر جوع لا يعرف رحمة ولا رأفة وربما جوعاً يقتلنا ودُسنا علي الخير ونحن لا نراه ورأينا الكل يهرول في جميع الاتجاهات يتخبطون ولا احد يشعر بأحد وحلت الأعياد ولم نعد نشعر بطعماً لها ونمنا دون الصلوات من كثرة سهر الليالي الذي لا يرحم وطُمست قلوبنا ولم نعد نبكي بالدعاء. ضاع منا طعم الفرحة والبهجة ولبسنا ملابس لا تحمل رقة ووداعة بل ملابس تخدش الحياء وتسلب العفة والطهر وتجرأنا في نظراتنا وأحاديثنا التي تهايفت وأبحنا كل شيء بلا قيود وذهب ماء وجهنا ونحن نظهر عوراتنا بلا حرج وتهت أنا وصديقتي في سنوات الطوفان كدنا نضيع تحت وابل الفتن العفريتيه لنفترق عن بعضنا البعض ولكن أراد الله أن نلتقي رغم كل هذا ربما رحمة منه لنأخذ منه سبحانه وتعالي عهدا كما أخذة نوح علية السلام الا يعود إلينا الطوفان تقابلنا وقد ضاعت منا الكلمات وتمكن الخوف منا لأننا نعيش أيام الضياع وبدأنا ندير وجهنا لبعضنا البعض حتى لا نفجع بمصيبتنا فكل منا يظن ان الآخر أصبح وحشاً ...
ولكننا سرعان ما تذكرنا أننا كنا ذات يوم أرواح طيبة تسموا إلي حب الخير وتكره الذاتية والعدوانية رغم طحن السنين لنا إلا أننا مازلنا نحتفظ بشيء ما داخلنا يهزنا هزات عنيفة يردنا إلي صوابنا وإلي عروبتنا ومصريتنا مازال ما بداخلنا يدفعنا إلي الحق لنبحث عن بئر عميق نحفره بأيدينا ليسحب مياه الطوفان القاتلة ونتضرع إلي الله عز وجل أن يصفح عنا ويرحمنا ويساعدنا ... وفجأة نادي كل منا علي الآخر قائلاً :-
انتظري يا صديقتي لا تمضي فمازال بداخلنا النواة الخيرة التي بني عليها هذا الكيان المختلط لن نستسلم للطوفان . انتظري يا صديقتي ولنبدأ بأنفسنا . ننظف ما علق بنا فنحن كائن معدنه نقي رغم دنيا العفاريت التي تحوطنا ولكن مهما تراكمت عليه العوالق وحتى لو غاص في الطين فهو معدن أصيل لا يذوب ولا يصدأ بل ستظل حكاياته تحفة عريقة المنشأ .... تعالي نبدأ بصنع الفلك للنجاة سوياً تعالي نعلي مأذننا وكنأئسنا ونبني مصرنا ونشبك أيدينا تعالي نتبع صدي صوت عيسي ومحمد ونصبر الصبر الجميل ولا ننسي أننا خُلقنا وعشنا وسنموت مصريين .. مصريين ..

هناك 13 تعليقًا:

ابن الإيمان يقول...


بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله..:
السلام عليكم:
الاخت أمل حياك الله ..
قصة جميله ومؤثره..فيها البراءه والحب المتجرد..
السؤال ماذا حدث بعد 1994؟؟؟
بالتاكيد الامور تبدلت وتغيرت..
أحيانا الدنيا تكون قطعة جنه..(بالحب فقط)
وأحيانا تكون قطعه من الجحيم(بالبغض والكراهيه)..

افتقدنا قلمك منذ فتره..عسى المانع خيرا...

دمت بخير أنت ومن تحبين.

ابن الايمان

فارس عبدالفتاح يقول...

كلام جميل وحقيقي وواقعي ومنطقي عقلاني .

نعم سياسية الانفتاح وهو بيع كل شيء وتشهويه كل شيء والخروج عن الطريق الصحيح وهو الصمود الداخلي ( الجبهة الداخلية ) تجاه العدوا المشترك اخترقنا ثقافيا وسياسيا واجتماعيا ودينيا واقتصاديا ... الخ


نعم ، واذا رفضت فانت انغلاقي .



انها سياسية تحالف راس المال مع السلطة وهو مشوار بدأ في السبعينيات ولا يعلم نهايته الا الله ، بدأ بالزاوية الحمراء واعتقال البابا شنوده الذي رفض الاعتراف باسرائيل وزيارة القدس ولم ينتهي الى يومنا هذا .


مع ان الموقف الان اختلف ففي السبعينات كانت الاهداف مشتركة ام الان فهناك تضاد في المصالح لان الدولة تخلت عن التزاماتها عن العدل والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين وعن امنها القومي والوطني ووثائق ويكيليكس خير برهان على ذلك .


نظامنا يقدم للعدو ما يريد بسهوله ودون مقابل مع الاسف .. وهذه الواقعية والعقلانية من وجهة نظر النظام السابق والحالي من بداية السبعينيات حتى يومنا هذا .

فشكووول يقول...

السلام عليكم امل هانم
تحياتى
الكلام فى الموضوع ده يوجع القلب
قلبى موجوع وعقلى مذهول والدنيا سوده فى وشى
انا مش حاقول كلام منمق ولا كلام معسول لكن انا حـ اقول كلام بالعقل
ما فيش مشكله حياتيه بين المسلمين والمسيحيين فى مصر
كمان ما فيش مشكله بين الشعب القبطى والشعب المسلم دا على المستوى الشعبى
المشكله ان هناك ملفات كثيره او كل الملفات تقريبا منحاه جانبا من جانب النظام والسلطه
خدى عندك مشكلة العشوائيات وما فيهاش قبطى ولا مسلم المشكله برمتها منحاه جانبا
هناك مشكله فى التعليم وايضا منحاه جانبا
هناك مشكله فى الاسكان منحاه جانبا
كل مشاكل واوجاع مصر منحاه جانبا
كل مصر بتلف وتدور حول الكرسى فقط هذه هى المشكله المفعله فقط وفقط لا غير وكل مشاكل مصر منحاه جانبا ومن اهم مشاكل مصر ملف الاقباط ومثلها مثل اى ملف اخر منحى جانبا
تعالى بقى فى حكاية التفجيرات وبداية الفتنه التى اعتقد انها على وشك ان تبدأ وبعنف
ايه اللى مخوفنى
الاقباط شركاؤنا فى الوطن ونحن شركائهم ونعيش بينهم ويعيشون بيننا
لو فيه حاجه او مشاكل او تفجيرات الا يحتمل ان اكون انا او ابنى او بنتى سائرين فى المكان ويطولنى التفجير او يطول ابنى او بنتى او اخى او اختى او اى من اهلى وقيسى على ذلك كل المصريين
يبقى دا خطورة الموضوع ان النار لن تفرق بين مسيحى او مسلم والانفجار سيصيب من هنا ومن هناك
المسلمين موقنون بعقيدتهم ولا يزعزع من ثقتهم فيها اى شيئ
والاقباط كذلك ولا يزعزع منها اى شيئ
يبقى فى الاخر الحساب والثواب عند الله سبحانه وتعالى
هو شريك فى الوطن والارض وانا شريكه فى الوطن والارض يبقى لازم نتعايش مع بعض ونرضى ببعض بلاش عشان يدوم الود وتدوم المحبه لكن عشان ينجينا الله هم ونحن من شر الفتن
خدى كمان عندك
ما بيعجبنيش الشماعات الكتيره اللى احنا حاطينها فى الدواليب
زمان اما حصل مشكله فى نفس الكنيسه .. طلعنا جرى وفتحنا الدولاب وجبنا شماعه مختل عقليا
وسمك القرش فى شرم الشيخ جبنا شماعة اسرائيل بتعمل مش عارف ايه
ولما حصل اليومين دول التفجير فى كنيسة القديسين رحنا جرى وجبنا شماعة المؤامره الاسرائيليه .. طبعا اصل الشماعات عندنا كتيره قوى
حتى لو كان كذلك
ماذا فعلنا نحن؟
لماذا لم نفكر جيدا لاتقاء المؤامرات التى تحاك لنا
فى الحقيقه الجو العام والرأى العام والحاله المصريه الآن ليست على ما يرام
ان من يحيك لنا المؤامرات اذا كان ذلك حقيقه يستغل حالتنا ومزاجنا السيئ .. يعنى احنا اللى بنعطى لهم الفرصه .. يبقى احنا غلطانين
ما حدش واخد باله من اننا اصبحنا شعبا غير لائق ادبيا غير لائق اخلاقيا .. اخلاقنا بقت زفت وتلاقى فى الشارع الناس بتعمل بايديها تعبيرات باليه ودايما بنزعق ونشخط ونشتم فى بعض ونشوح بايدينا وكأننا نرقص باليه وهذه حاله فريده لنا تلاقى لما تكلمى واحد او واحده ايديه عماله تشور فوق وتحت واصبع ايديه شغاله الله ينور وبعصبيه
اظن كفايه علينا كده
اظن لازم نفوق من الهباب اللى احنا بنشربه ده
اظن لازم ناخد بالنا من نفسنا بقى
اظن لازم نخطط كويس ونشتغل كويس ونشوف ايه اللى صح ويجب ان نعمله ونعمله
ما علهش طولت عليكى
تحياتى

ن يقول...

سلام من الله عليكم جميعا .
نحن جميعا كشعب مصرى بدأنا محنة من بداية هذه السنة وهى ليست طلسما كما كانت من قبل فاللعبة مفهومة وما فيه الشارع المصرى الان ما هو الا احتقان عام لا يفرق بين مسلم ومسيحى وان الشعب الذى لا يستدعى فى اى شيىء بل هو مهمش مطلوب منه الان ان يكون حاضرا وان يقف وقفة رجالة بعدما سخطوا رجولته ونحوه جانبا ليأخذ العمل السياسى طريقه دون النظر لأبسط حقوقه حتى فى الادلاء بصوته (اتكتم يا ولداه )قبل ما يطلع صوته الان مطلوب حناجر تنادى باسم الوطن طب الزاى ؟؟؟
ما أشاهده الان هو احتقان الاقباط بسبب تهميش أمورهم وضياع بعض الحقوق الذين يطالبون بها وهى لا تقل عما يعانى منه المسلمون فى مصر ولا أخفى شماتة الشعب المصرى بأسره فى الحكومة وضعفها امام الموقف رغم ان الالم شديد والضربة كانت موجعة ولم يبقى سوى عامة الشعب الطيب الذى ضاعت منه كل المعانى الطيبة وسط هذه الازمات اننا نناشد ما تبقى لنا من روح من حقنا ان نحيا وبعيدا عن مجاملات الحكومة ومانراه اعلاميا فى هذا الموقف علينا ان نسعى لنحى المعانى الطيبة بداخلنا كى نعبر لبر الامان
اذا الشعب يوما اراد الحياة
فلابد ان يستجيب القدر
ولابد لليل ان ينجلــى
ولابد للقيد ان ينكسـر
وهو ما يسمونه اليوم بالطاقة الايجابية لتغير الواقع اذا كنت تملك ارادة .
مع خالص تحياتى

ن يقول...

الاستاذ /ابن الايمان
اشكرك جدا على الزيارة واعتذر على التقصير . الحقيقة انك تبذل جهدا عظيما فى مناقشاتك وتحتاج منا حقا المتابعة .
مع خالص تحياتى

ن يقول...

اخى الفاضل / فارس عبدالفتاح
اعلم ان ما يحدث فى الشارع المصرى الان يأخذ وقتا من تفكيرك وتحليل للموقف وقرأة للمستقبل وخاصة انك مثقف وقارىء جيد للتاريخ السياسى لللأمم بوجه عام .
ولا يستطيع ان ينكر احدنا اننا جميعا فى حالة حزن وأسى مما حدث .
مع خالص تحياتى

ن يقول...

أستاذنا الغالى جدا فشكول
عندك حق يا استاذنا فى كل ما قلت اتمنى من الله ان تمر هذه الازمة على خير من اجل شعبنا الطيب لا اكثر .
مع خالص تحياتى

فارس عبدالفتاح يقول...

الاخت / نون المحترمة

باختصار شديد عشان بعلق من على التلفون انا لا اعتقد ان يكون هناك فتنة طائفية تصل الى حد الاحتكام الى السلاح مش هيحصل الكلام ده لان المسيحيين اعقل من ذلك ويعرفون قوتهم الحقيقة في المجتمع المصري ولكنهم سيضغطون سياسيا لجني بعض المكاسب السياسية لصالحهم مع هذا النظام الضعيف

اما بخصوص الحزن والاسى فليس على الذين ماتوا فالذي مات من المسلمين في القطار والعبارة وغيرهما اكثر انما الحزن والاسى على الامن الوطني والامن القومي الذي اصبح مخترق وهزيل الى درجة اصبح معها الامل في بناء مجتمع سليم ضربا من الخيال

فارس عبدالفتاح يقول...

الاخت / نون المحترمة

باختصار شديد عشان بعلق من على التلفون انا لا اعتقد ان يكون هناك فتنة طائفية تصل الى حد الاحتكام الى السلاح مش هيحصل الكلام ده لان المسيحيين اعقل من ذلك ويعرفون قوتهم الحقيقة في المجتمع المصري ولكنهم سيضغطون سياسيا لجني بعض المكاسب السياسية لصالحهم مع هذا النظام الضعيف

اما بخصوص الحزن والاسى فليس على الذين ماتوا فالذي مات من المسلمين في القطار والعبارة وغيرهما اكثر انما الحزن والاسى على الامن الوطني والامن القومي الذي اصبح مخترق وهزيل الى درجة اصبح معها الامل في بناء مجتمع سليم ضربا من الخيال

جلال كمال الجربانى يقول...

على المستوى الشعبى يعنى مثلاً بيننا نحن المسلمين والأقباط الجيران وزملاء العمل مفيش أى مشكله ونماذج التعايش بيننا وبين شركائنا فى الوطن كثيره ومبهره
وكل التوترات التى تحدث بيننا تافهه وممكن حلها بسهوله
وأظن ان مصر لو أدركت الحريه الحقيقيه وليست المظهريه التى نعيشها
ستحل كل المشاكل بيننا بالحريه لأن الأحرار بيحترموا الأحرار إللى زيهم
أما العبيد فيتنابذون بالألقاب وبالأصل والفصل والعزوه وما الى ذلك
يعنى الحريه هى الحل

ودمتِ بخير حال

ن يقول...

السلام عليكم
مدونة واحد من العمال
رأيك صائب ومحترم جدا وبكم يبقى الامل فى الحفاظ على هذا البلد الغالى .
مع خالص تحياتى

ذو النون المصري يقول...

بالفعل لا زالت تلك البدرة موجوده
و ستنبت حينما تاتيها الظروف المواتيه للانبات

عطش الصبار يقول...

ياااااااااااااااااااااااااااااااااه ياستاذه امل
رحعتينى للزكريات القصه دى مش بتتكلم فى السياسه دى بتتكلم فى الحياه قرأت القصه من خلال غمامه الدمع اعدتنى الي زمان قوس قزح الى زمان الامان زمان اعتقدت من كثره ما شوهوه انه لم يكن موجود وانى ابالغ فى الحنين اليه وانى مشوهه المشاعر
ان صديقه ابنتى المفضله هى مارى
هى من تسال عنى فى غياب ابنتى
استاذه امل
عندما تعجبنى احدى الجمل اضع الماوس عليها وانقلها واعلق عليها
ولكن هنا تملكتنى الحيره على اى جمله اضع الماوس لاادرى ايهم اجمل واقوى فالجمل جميعها الاجمل والاقى
لقد اختصرت عقود من الحب منالود من الامان من الذكريات حتى وصفك للربيع ولمولد الكائنات هو الاروع
تحياتى لك وشكرى وتقديرى دمتى عقلا وقلبا متسامحا مستنير سيدتى